$KiNg Of LoVe$ المشرفون
العـــمر : 33
تاريخ الميلاد : 02/06/1991
عدد المساهمــات : 5174
الوسام :
| موضوع: كتابة القرآن الكريم بين الرسم المتبع والخط المخترع الأربعاء مايو 04, 2011 8:39 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتابة القرآن الكريم بين الرسم المتبع والخط المخترع
حين نزل القرآن الكريم على سيِّدنا محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبدأ تدْوينه في حياتِه، كان النَّاس آنذاك يتبعون نظامًا كتابيًّا معيَّنًا، يتضمَّن هذا النظام كثيرًا من الفروق بين المكتوب والمنطوق، تتمثَّل هذه الفروق في زيادة رموز كتابيَّة لا يوجد لها مقابل في الأصوات، أو نقْص بعض الرموز التي لها مقابل صوتي، أو غير ذلك من هذه الفروق التي لم تمثِّل عائقًا - آنذاك - أمام النَّاس في استخدام هذا النِّظام في كل أمور حياتهم اليوميَّة، بل إنَّ أصحاب الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - استخدموه في تدْوين كتاب الله - عزَّ وجلَّ.
ومع ظهور هذه الفروق وبروزِها لَم يحاول علماء العربيَّة - في هذا الوقْت - تقْنين هذا النظام، وتنميط قواعده إلاَّ بعد فترة غير قصيرة، وعندما بدؤوا في ذلك كانت الفكرة النحويَّة والصَّرفية قد سيطرت على التَّفكير الكتابي، وقد أدَّى ذلك - بالطبع - إلى بقاء كثير من الفروق بين المكتوب والمنطوق، وتطلَّب الأمر ظهور علم جديد يتَّخذ من هذه الفروق مادَّة وموضعًا له حتَّى يتمكَّن الكاتِبون من أداء كتابتِهم على صورة جديدة، هذا العِلْم هو ما سمِّي بعلْم الهِجاء، أو الرَّسم، أو ما سمَّاه صاحب "كشف الظنون" بعلم إملاء الخط[1]، أو الخطّ المخترع[2].
ومنذ ظهور هذا العلم الذي قنَّن هذه الفروق وعلَّل وجودَها، أصبح الخلاف قائمًا بين العلماء في مسألة كتابة القُرآن الكريم: هل يكتب بالرَّسم العثماني، والَّذي يطلق عليه "الرَّسم المتَّبع"؟ أم تَجوز كتابتُه وفقًا للمعايير والأُسُس التي اشتَمَل عليْها هذا العلم، الَّذي يسمَّى بالخطِّ المخترع؟
ومن الواضح أنَّ هذا الخلاف بين من يُجيز كتابته بالرسم المخترع ومَن لا يجيز قائم على فهْم كلٍّ مِن الفريقَين، أو تصوُّره لمصدر الرَّسم العثماني: هل هو توقيفي من الله - عزَّ وجلَّ - أم أنَّه من اصطلاح الصَّحابة - رضوان الله عليهم؟
وبين هذا وذاك ظهر اتِّجاه ثالث يجمع بين الرَّأيين، فيكتب المصحَف بالرَّسم العثماني، ويشرح في الهامش الكلِمات التي تختلف في الرَّسم الإملائي، وها نَحن نعرض لهذه الآراء الثَّلاثة، ونوضِّح أدلَّتهم، وموقف البحْث العلمي منها.
1- القائلون بوجوب اتِّباع المصحف الإمام: يَذهب جمهور العلماء إلى وجوب اتِّباع رسم المصحف، وعدم جواز كتابتِه بالهجاء الاصطِلاحي، أو ما يسمَّى بالخطِّ المخترع، ولهم على ذلك أدلَّة كثيرة، منها: أ- أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أقرَّ كتَّاب الوحي على ما كتبوه، وهذا الإقرار يلزمنا باتباع ما كتبوه وإن كان اجتهاديًّا منهم، فهو - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَم يكن يعرف القراءة والكتابة، وكان الصَّحابة كتبة الوحي يعرفون ذلك، فكان يملي عليهم وهم يكتبون، ولو كان اجتهادهم فى الكتابة غير مراد الله - عزَّ وجلَّ - ما تركهم عليه، وما دام قد تركَهم على ذلك، فدلَّ على أنَّ الله - عزَّ وجلَّ - ورسوله مقرَّان لهذه الكتابة التي يكتبها الكتَبة من صحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فكانت بذلك اجتهاديَّة من الصَّحابة، باعتبار ترْك الشَّارع لهم يكتبون على ما يعرفون، توقيفيَّة باعتِبار تقْرير الشَّارع لهم على ما كتبوا، وعدم تخطِئَتهم في كتابتهم، ولو لم تكُن صحيحة لبيَّن لهم ووجَّههم حسب ما يريد[3].
ب- إجماع الصَّحابة - رضْوان الله عليهم أجْمعين - على هذا الرَّسم، وكانوا وقتئذ اثني عشر ألفًا[4]، ثمَّ إجماع التابعين بعد ذلك وتابعي التَّابعين، فلم يخالف أحدٌ منهم هذا الرَّسم، ولم ينقل عن أحدٍ منهُم أنَّه فكَّر في أن يستبدِل بالرَّسم المصحفي رسمًا آخر.
ج- إجماع الفقهاء - رحِمهم الله - على هذا الرَّسم.
قال الإمام أحمد: تَحرم مخالفة خطِّ مصحف عثمان في ياء أو واو أو غير ذلك[5].
وقد سُئِل الإمام مالك: هل يكتب المصحف على ما أحدَثَه النَّاس من الهجاء؟ فقال: لا، إلاَّ على الكتبة الأولى[6].
قال أبو عمرو الداني: "ولا مُخالف له في ذلك من علماء الأمَّة"[7].
وقال البيهقي في "شعب الإيمان": "مَن كتب مصحفًا فينبغي أن يُحافظ على حروف الهِجاء التي كتبوا بها تلك المصاحف، ولا يُخالفهم فيها ولا يغيِّر ممَّا كتبوا شيئًا؛ فإنَّهم أكثر علمًا، وأصدق قلبًا، وأعظم أمانةً منَّا، فلا ينبغي أن نظنَّ بأنفُسنا استدراكًا عليهم"[8].
لهذه الأدلَّة وغيرها ذهب جُمهور العلماء: إلى وجوب اتِّباع الرسم المصحفي، وعدم جواز كتابته بالإملاء الاصطلاحي.
2- القائلون بجواز كتابة القرآن الكريم بالخط المخترع: ذهب فريقٌ من العلماء القدامى والمحدثين إلى جواز كتابة القرآن الكريم بالرسم الإملائي، بل دعا إليْه بعضهم، فمِن القدامى دعا إليْه عزُّ الدين بن عبدالسَّلام، الذي يقول: "لا يجوزُ كتابة المصحف الآن على الرُّسوم الأولى باصطِلاح الأئمَّة؛ لئلاَّ يوقع في تغْيير من الجهَّال"[9].
ويأتي هذا من تصوُّر هذا الفريق إلى أنَّ الرَّسم المصحفي من اصطلاح الصَّحابة - رضْوان الله عليهم - يفهم هذا من كلام القاضي أبي بكر الباقلاني الَّذي يقول: "إنَّما فرض على الأمَّة الوصية في القرآن وألفاظه، فلا يزيدون حرفًا ولا ينقصونه ولا يقدِّمونه ولا يؤخِّرونه، ويتلونه على نحو ما يتلى عليهم.
وأمَّا الكتابة فلم يفرض الله على الأمَّة فيها شيئًا، إذ لم يأخُذ على كتَّاب القرآن، وخطَّاط المصاحف رسمًا بعينه دون غيره، أوْجبه عليهم وترك ما عداه؛ إذ وجوب ذلك لا يدرك إلاَّ بالسَّمع والتوقيف، وليس في نصوص الكتاب ولا في مفهومه أنَّ رسم القرآن وخطَّه لا يَجوز إلاَّ على وجه مخصوص؛ لأنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يأمُر برسمه ولم يبين لهم وجهًا معيَّنًا، ولا نهى أحدًا عن كتابته؛ ولذلك اختلفتْ خطوط المصاحف، فمنهم من كان يكتب الكلمة على مخرج اللَّفظ، ومنهم مَن كان يزيد وينقص لعلمه بأنَّ ذلك اصطلاح"[10].
وقد ردَّ على هذا الاتجاه بأنَّ إقرار الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - الكتَّاب الذين كتبوا المصحف سنَّة يَجب اتِّباعها، كما ردَّ عليه بإجماع الصَّحابة والتَّابعين على هذا الرسم، ويضاف إلى ذلك أنَّ هذا الرَّسم لو لم يكن له مزيَّة إلاَّ اتِّصال سند القارئ بسيِّدنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لوجبتِ المحافظة عليْه من أجل ذلك، فهذا الرَّسم يجعل القارئ لا يكتفِي بالمكتوب في قراءة النَّصِّ القرآني؛ بل إنَّ عليْه أن يتطلَّب النَّص بالسَّماع من أفواه الشُّيوخ الَّذين تلقَّوه عن شيوخ يتَّصل سندُهم بسيِّدنا الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهذا ممَّا يضعف هذا الاتِّجاه.
3- الرأي الذي توسط بين الأمرين: بين مَن أوجب اتِّباع رسم المصحف الإمام، ومَن أجاز كتابة القرآن الكريم بالرَّسم الإملائي، ظهر اتِّجاه ثالث أراد أن يَجمع بين الرأْيَين، هذا الاتِّجاه يتمثَّل في محاولة الشَّيخ عبدالجليل عيسى - مع إيمانه فيما يبدو بعدم التوفيق - الجَمع بين الرأْيين في مصحف سمَّاه بالمصحَف الميسَّر، وذلك باتِّباع الرسم العثماني مع التَّنبيه في هامشه على الوجْه الاصطِلاحي فيما تظهر فيه المخالفة[11].
ومع إيماني بأنَّه من النَّاحية الواقعيَّة توجد بعض فروق بين المكتوب والمنطوق في الرَّسم المصحفي، منها ما لا يوجد له نظير في الرَّسم الإملائي، إلاَّ أنَّ هذا لا يبرِّر - في نظري - المساس بالرَّسم المصحفي، لا من قريب ولا من بعيد؛ وذلك لما يلي: 1- إنَّ المساس به والقول بِجواز كتابته بالإملاء الاصطلاحي يفتح مجالاً للتَّحريف والتَّبديل في كتاب الله - عزَّ وجلَّ - الَّذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، بل يستحيل؛ {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}. 2- إنَّ هذا الرَّسم - كما تقدَّم - سبب في اتِّصال سند القارئ بسيِّدنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأنَّه لا يجعل القارئ يكتفي بالرَّسم فقط في قراءة النَّص القرآني، بل عليه أن يتلقَّنه من أفواه الحافظين الذين تلقَّوه عن شيوخ يتَّصل سندهم بسيِّدنا الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم. 3- إنَّ هذا الرَّسم لا يكتب به إلاَّ القرآن الكريم، ولا يتعرَّض له إلاَّ حافظو كتاب الله - عزَّ وجلَّ - أو من يريد حِفْظَه ومن يقبل عليه بإخلاص ييسِّر الله - تعالى - له؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17].
فلعلَّ مِن تيسيره تيسير معرفة خطوطِه الَّتي لا تختلف كثيرًا عمَّا يكتب به النَّاس في سائر أمور حياتهم.
وفي نهاية هذا المقال، لنا أن نُشير إلى قضيَّة مهمَّة في كتابة المصاحف في أيَّامنا هذه، وهي اختلاف دور النَّشر المعنيَّة بطبع المصاحف الشَّريفة في أمور مهمَّة خاصَّة بالرسم المصحفي، ونحن ندْعو إلى توحيد دور النَّشر في هذه الأشياء والتي منها: اختلافهم في علامات الوقْف، فقد ترى موضع الوقف في مصحف مشارًا إليه بعلامة الوقف اللازم (م)، وترى نفس الموضع في مصحف آخر مشارًا إليْه بعلامة الوقف الجائز مع كون الوقف أوْلى (قلى).
وقد ترى مَن يجمع بين الوقف الجائز مع كون الوقْف أولى والذي علامتُه (قلى)، وبين الوقف الجائز مع كون الوصْل أوْلى وعلامته (صلى)، ويرمز للوقفَين بعلامة الوقْف الجائز جوازًا مستوي الطَّرفين (ج)، وقد حدث مثلُ هذا في مصحف الأزهر الطَّبعة العاشرة[12].
مع تسليمنا بأنَّ هذه العلامات ليست من الرَّسم المصحفي، وهي موضوعة فوق السطور بخط صغير ومميَّز عن الرسم الأصلي، وهي علامات إشاريَّة قصد منها تعريف القارئ بِمواضع الوقف والوصل أثناء القراءة بطريقة عمليَّة ميسَّرة، فالاختلاف فيها لا يؤثِّر على الرَّسم الأصلي في شيء، ولكنَّنا نُطالب بتوحيدها كمزيدٍ من التَّيسير على القرَّاء والمتعلِّمين.
كذلك تختلف دور النشر في عدَد أسطُر الصفحة الواحدة، فالأكثر على أنَّها خمسة عشر سطرًا، ومنها ما يقلُّ عن ذلك، والتَّوحيد في عدد الأسطر وغيره أمرٌ مطلوب؛ لأنَّ الحافظ حيث يحفظ تكون الصَّفحة بعدد أسطُرها وبعلامات الوقف فيها قد دخلت ذهنَه وتصوَّرها تصوُّرًا تامًّا، فإذا ما أراد أن يقرأ في مصحفٍ وجَده مخالفًا لما حفظ عليه، قد يؤدِّي ذلك إلى قلَّة حفظه، لاسيَّما إن كان حافظًا حديث العهد، نسأل الله أن يَجعلنا من الحافظين لكتابه العاملين به.
وكل هذا - كما ذكرنا - لا علاقة له بأصْل الرَّسم الثابت ثبوت الجبال - ولله الحمد - ولكن مطالبتنا بتوْحيد هذه الأمور مطالبة بالمزيد من التَّيسير على الأمَّة.
والله الموفق.
ــــــــــــــــــــــ [1] كشف الظنون، حاجي خليفة، 1/ 902 ط دار الكتب العلمية، بيروت، 1992م. [2] المطالع النصريَّة، الشيخ نصر الهوريني، ص 19، ط المطبعة الخيريَّة 1304 هـ. [3] رسم المصحف بين المؤيِّدين والمعارضين، د. عبدالحي الفرماوي، ص 27 (1) مكتبة الأزهر 1977م. [4] سمير الطالبين للشَّيخ الضباع، ص 18 ط مكتبة المشهد الحسيني د. ت. [5] البرهان في علوم القرآن للزركشي، تحقيق الأستاذ/ محمد أبو الفضل إبراهيم 1 /369 ط3 دار الفكر 1980م. [6] إتحاف فضلاء البشر للبنا الدمياطي، تحقيق د. شعبان إسماعيل 1/81 ط عالم الكتب والكليات الأزهرية 1987م. [7] المقنع للداني، تحقيق: محمد الصادق قمحاوي، ص 19 ط الكليات الأزهرية د.ت. [8] البرهان: 1 /379. [9] البرهان للزركشي: 1 /370. [10] منهج الفرقان للشيخ محمد علي سلامة 1 /151، 152 بتصرف، ط 1938م. [11] في علم الكتابة العربية، لأستاذي الدكتور عبدالله ربيع محمود، ص146، 147 بتصرُّف يسير، ط 1، 1992م. [12] مصحف الأزهر الشريف، الطبعة العاشرة صفحة (ى) من التعريف بالمصحف.
دمتم برعاية الله وحفظه | |
|
Narjes Admin
العـــمر : 34
الموقع : هنا حياتك
العمل : طالبة
تاريخ الميلاد : 21/04/1990
عدد المساهمــات : 4038
| |
غربة الروح المشرفات
العـــمر : 34
الموقع : هنـ حياتك ــا ـا ـا
العمل : طالبة ..
تاريخ الميلاد : 01/05/1990
عدد المساهمــات : 2374
| موضوع: رد: كتابة القرآن الكريم بين الرسم المتبع والخط المخترع الخميس مايو 05, 2011 12:53 pm | |
| شكراًاًاً يا حلوو ع هذا الموضوع | |
|
$KiNg Of LoVe$ المشرفون
العـــمر : 33
تاريخ الميلاد : 02/06/1991
عدد المساهمــات : 5174
الوسام :
| موضوع: رد: كتابة القرآن الكريم بين الرسم المتبع والخط المخترع الخميس مايو 05, 2011 7:01 pm | |
| | |
|
$KiNg Of LoVe$ المشرفون
العـــمر : 33
تاريخ الميلاد : 02/06/1991
عدد المساهمــات : 5174
الوسام :
| موضوع: رد: كتابة القرآن الكريم بين الرسم المتبع والخط المخترع الخميس مايو 05, 2011 7:08 pm | |
| وانتي الاحلى منوره عيوني هنوفي
| |
|
عثمان عضو ذهبي
العـــمر : 45
الموقع : http://www.tvquran.com/
تاريخ الميلاد : 09/09/1979
عدد المساهمــات : 1456
الوسام :
| |
$KiNg Of LoVe$ المشرفون
العـــمر : 33
تاريخ الميلاد : 02/06/1991
عدد المساهمــات : 5174
الوسام :
| موضوع: رد: كتابة القرآن الكريم بين الرسم المتبع والخط المخترع الجمعة مايو 06, 2011 5:17 pm | |
| | |
|